
والتر أ. شيوهارت Walter A. Shewhart
يعود الفضل في التأسيس الفعلي للاهتمام بفكرة الجودة على مستوى الأداء والإنتاج إلى الإحصائي الأمريكي الرائد والتر أندرو شيوهارت (Walter A. Shewhart) ففي ثلاثينيات القرن الماضي، أثمرت أبحاثه الرائدة عن تطوير أدوات ومفاهيم ثورية غيرت نظرة الصناعة إلى الجودة.
أداة شيوهارت للتحكم الإحصائي في العمليات (SPC): نقطة تحول في قياس الأداء.
طور شيوهارت أداة مبتكرة لـ التحكم الإحصائي في العمليات (Statistical Process Control - SPC)، والتي مكنت المؤسسات من قياس الأداء والإنتاجية من خلال تتبع مدى انحراف العمليات والمنتجات عن معايير الجودة المقبولة بمرور الوقت. هذه الأداة لم تكن مجرد وسيلة لتحديد العيوب، بل كانت نظامًا استباقيًا لفهم التباين في العمليات الإنتاجية.
مفهوم التباين المخصص والعرضي: فهم جذور المشكلات
قدم شيوهارت رؤية عميقة للتباين، حيث ميز بين نوعين أساسيين:
* التباين المخصص (Assignable Cause Variation): وهو التباين الناتج عن أسباب محددة وقابلة للتحديد والتصحيح، مثل عطل في الآلة، خطأ بشري، أو مواد خام معيبة.
* التباين العرضي (Common Cause Variation): وهو التباين الطبيعي والمتأصل في العملية نفسها، والذي ينتج عن عوامل عشوائية صغيرة ومتعددة.
إن فهم هذا التمييز كان جوهريًا، حيث وجه جهود التحسين نحو معالجة الأسباب الجذرية للمشاكل بدلاً من مجرد التعامل مع الأعراض.
دورة شيوهارت ثلاثية المراحل: منهجية استباقية للجودة
ابتكر شيوارت ما يُعرف بـ دورة شيوهارت (Shewhart Cycle) ذات الثلاث مراحل، والتي هدفت إلى تحقيق زيادة مستمرة في جودة المنتج:
* المواصفة (Specification): تحديد واضح ودقيق لمتطلبات الجودة والمعايير التي يجب أن يلتزم بها المنتج أو الخدمة. يعتمد ذلك على فهم احتياجات العملاء وقدرات العملية.
* الإنتاج (Production): تنفيذ العمليات الإنتاجية وفقًا للمواصفات المحددة، مع التركيز على تقليل التباين والالتزام بالمعايير.
* المراقبة (Inspection): قياس وتقييم المنتج أو الخدمة أثناء وبعد عملية الإنتاج لمقارنته بالمعايير والمواصفات المحددة.
المراقبة المستمرة: جوهر فلسفة شيوهارت للجودة
أكد شيوهارت على أن المراقبة ليست عملية فحص نهائي للأخطاء واستبعاد المنتجات غير المطابقة للمواصفات، بل هي عملية مستمرة ومتكاملة خلال جميع مراحل الإنتاج. الهدف من المراقبة المستمرة هو مراجعة وتعديل المواصفات والعمليات بشكل استباقي لتجنب حدوث الأخطاء وتقليل التباين قبل أن يؤدي إلى منتجات معيبة. هذه الرؤية الاستباقية كانت نقلة نوعية في مفهوم إدارة الجودة.
تأثير شيوارت وإرثه:
لقد وضعت أفكار والتر شيوهارت الأسس المتينة لحركة الجودة الحديثة. وقد ألهمت أعماله روادًا آخرين مثل دبليو إدواردز ديمنغ وجوزيف جوران، الذين طوروا مفاهيمه ونشروها على نطاق واسع. لا يزال منهجه في التحكم الإحصائي في العمليات ودورة شيوارت يُستخدمان على نطاق واسع في مختلف الصناعات حتى يومنا هذا كأدوات أساسية لتحقيق الجودة والتحسين المستمر.

البروفيسور فوجي تسونغ خلال حفل تسليم ميدالية شيوهارت لعام 2025
🏅 تحديث 2025: استمرار إرث والتر شيوهارت في عالم الجودة
في 4 مايو 2025، تم تكريم البروفيسور فوجي تسونغ (Fugee Tsung)، أستاذ الهندسة الصناعية وتحليل القرار في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، بمنحه ميدالية شيوهارت لعام 2025 من قبل الجمعية الأمريكية للجودة (ASQ).
تُعتبر هذه الميدالية بمثابة جائزة نوبل في مجال ضبط الجودة، وتُمنح سنويًا للأفراد الذين يُظهرون قيادة تقنية بارزة في تطوير نظريات وممارسات الجودة الحديثة.
وقد تم تكريم البروفيسور تسونغ "لإسهاماته الرائدة في تطوير المراقبة الإحصائية المتقدمة للعمليات، وتحسين جودة الأنظمة الصناعية بشكل كبير، وإظهار قيادة أكاديمية استثنائية وتوجيه مؤثر".
1تعليقات